أعلن مسؤولون ودبلوماسيون أميركيون أن الرئيس دونالد ترامب لا يسعى لإصلاح الدبلوماسية الأميركية، بل يعمل على تفكيكها وتقويض نفوذ الولايات المتحدة دولياً بيده، كما نقل موقع بوليتكو عن اثني عشر مصدراً مطلعاً.
بعد ثمانية أشهر من بدء الولاية الثانية لترامب، يظل أكثر من نصف سفارات الولايات المتحدة حول العالم شاغرة، وتغلب على كثير من المناصب العليا في وزارة الخارجية صفة الوكالة، وغالباً بلا خبرة.
أوضح دبلوماسيون لبوليتكو أنهم محبطون ومستسلمون للظروف، وأن بينهما شعور بأن المسؤولين السياسيين لم يعودوا راغبين في تلقي نصائحهم.
قال أحد موظفي وزارة الخارجية: في الإدارة الأولى كان الناس يقولون عندما يلاحظون خطأ يجب أن نخبر البيت الأبيض، لكن في هذه المرة لا يوجد شيء من هذا القبيل. لماذا أفعل هذا؟ هذه الإدارة غير مهتمة.
اعتبر مسؤولون ودبلوماسيون أن الإدارة تعيد تشكيل الخدمة الخارجية لتصبح قوة أصغر وأضعف في العلاقات الدولية، حيث يصبح الدبلوماسيون منفذين فقط بدلا من كونهم مبتكري السياسات.
دافع تومي بيغوت، نائب المتحدثة باسم وزارة الخارجية، عن التغييرات التي أجراها وزير الخارجية ماركو روبيو قائلاً إنه «أعاد تنظيم الوزارة بأكملها لضمان أن يكون الأشخاص في مواقع يمكنهم فيها التأثير على السياسات».
قلق واسع
أبدى دبلوماسيون أميركيون قلقهم من أن تكتيكات الإدارة «تنفِّر» الحلفاء وتضعف الثقة بواشنطن، كما أن الخوف ساد بين أفراد البعثات من الشعور بالعجز عن التواصل أو التعبير عن رأي مخالف.
وقال رونالدو نيومان، سفير الولايات المتحدة السابق في أفغانستان، إن الولاء للقرارات كان مطلباً أساسياً في الخدمة، لكن إذا قُمعت المناقشات الداخلية فإن الإدارة ستتعثر.
وفي السابق، قالت جمعية الخدمة الخارجية الأميركية النقابية إن بعض ضباط الخدمة حُرموا من مهامهم بعد تقديمهم تحليلات أو توصيات لم تعجب القيادة، وفقاً لما أوردته شبكة NBC News.
وفي إحدى السفارات أمر كبار الموظفين بمناقشة «أي شيء حساس وجهاً لوجه»، وذلك وسط شائعات عن رصد برامج تجسس على الاتصالات الإلكترونية لموظفي السفارة، وفق مصدر دبلوماسي.
لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية تامي بروس نفت هذه المزاعم، ووصفتها بأنها «باطلة تماماً».
وكان الدبلوماسيون يستخدمون «قناة المعارضة» لإرسال مذكراتهم إلى وزير الخارجية للتعبير عن معارضتهم لقرارات معينة، والآن لا يتضح إن كانت تلك القناة ما زالت تعمل، كما قال بعض الدبلوماسيين إنهم لا يشعرون بالراحة عند استخدامها.
ويخشى الدبلوماسيون من تأثير بعض السياسيين على روبيو، إذ نجحت اليمينية لورا لومير في دفعه إلى تعليق إصدار تأشيرات لفلسطينيين من غزة ودعته لإقالة بعض الدبلوماسيين المسلمين، وفق بوليتكو.
كما أن التواصل من مقر الوزارة إلى البعثات الخارجية بات محدوداً ويُسجَّل تراجع في الشفافية، وفق ما نقل عن مصدر في الوزارة.
في كثير من الأحيان تفاجئ قرارات الإدارة الدبلوماسيين وتفتقر إلى التفاصيل اللازمة لوجستياً وقانونياً، ما يجعلهم يقضون وقتاً طويلاً في فهم معانيها.
قلص روبيو، الذي يشغل أيضاً منصب مستشار الأمن القومي بالوكالة، دائرة صنع السياسات، وأصبح فريق من الأشخاص، معظمهم من البيت الأبيض، من يتواصلون مع ترامب ويضعون السياسات ثم يأمرون بقية الأعضاء بتنفيذها، بهدف تقليل التسريبات.
وعمل روبيو ونوابه على إعادة اختبار دخول الخدمة الخارجية، وتسريح آلاف الموظفين إلى جانب تقليص عدد المكاتب أو تصغيرها، وفق ما ذكرته بوليتكو.