رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | لبنان بين التحذير الأميركي والتصعيد الإسرائيلي

شارك

حذر المبعوث الأميركي توم براك من أن الولايات المتحدة لن تتولى مهمة نزع سلاح حزب الله، وأن لبنان والدولة اللبنانية هي وحدها المخولة بهذه الخطوة، وإلا فإن إسرائيل ستتدخل وتنفذ المهمة بنفسها.

فتح هذا الكلام الباب أمام أسئلة عميقة حول مدى قرب لبنان من مواجهة عسكرية حقيقية وهل يملك أوراقاً كافية لتفادي لحظة انفجار تهدد استقراره الهش.

وجهت رسائل براك أيضاً إلى إيران، باعتبارها الممول الأول لحزب الله ومصدر قوته، مؤكداً أن قطع الرأس هو الشرط الأساسي لوقف إعادة بناء قوة الحزب.

أشار المبعوث الأميركي إلى أن الصراع في الشرق الأوسط ليس صراع حدود بل صراع مبدأ الهيمنة والخضوع، وهو تعبير يشير إلى أن المواجهة مع حزب الله لا يمكن عزلها عن إيران.

تزامنت التحذيرات الأميركية مع رسائل إسرائيلية مكثفة تفيد بأن حزب الله أعاد بناء قدراته وأنهى ترميم بنيته التحتية بعد حرب الاستنزاف، وهو ما يضع لبنان أمام خيارات صعبة.

نقلت زيارة براك إلى لبنان رسائل إسرائيلية مباشرة تفكر جدياً في خيار عسكري جراحي لنزع سلاح الحزب إذا لم تبادر الدولة اللبنانية بذلك.

أكّد رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد أن الحزب أنهى إعادة بناء قدراته، ما يعني أن إسرائيل ستنظر إلى المرحلة المقبلة كفرصة حاسمة في صراعها مع الحزب.

قرأ الباحث إبراهيم ريحان الموقف الأميركي الإسرائيلي بوصفه مؤشراً خطيراً على اقتراب المنطقة من مرحلة تصعيد، معتبراً أن كلام براك ليس بجديد على اللبنانيين لكنه يكتسب أهمية مضاعفة الآن.

أشار ريحان إلى أن التحديات أمام الحكومة اللبنانية في تنفيذ خطة الجيش لانتشار الجيش جنوب الليطاني وتفكيك السلاح كبيرة، خصوصاً مع رفض حزب الله سحب سلاحه ورفض إسرائيل الانسحاب من بعض النقاط الحدودية مثل تل الخمس، ما يجعل التنفيذ شبه مستحيل ويمنح الحزب حجج للبقاء مسلحاً.

أضاف ريحان أن هذه التعقيدات تسمح لحزب الله بالبقاء وتتيح لإسرائيل تبرير أي عملية عسكرية مستقبلية، ما يجعل الأسابيع القادمة محمّلة بإشارات سلبية.

يرى ريحان أن مسألة سردية السلاح ليست مجرد مطلب أميركي بل جزء من اتفاق الطائف وامتداد لخطاب القسم والبيان الوزاري للحكومات المتعاقبة، وأن حصر السلاح بيد الدولة ليس مطلباً أميركياً فحسب بل هو إطار دستوري وسيادي.

كشف الجيش اللبناني في مناوراته عن استخدام صواريخ كورنيت الروسية ومصادر من الماسِن الإيرانية التي صودرت من مخازن حزب الله، ما يُظهر كيف أن القوات المسلحة قد تتعامل مع هذا المخزون وفق سياسة تحددها القيادة.

يعزز هذا الواقع فكرة أن حماية لبنان يجب أن تكون مسؤولية الدولة ومؤسساتها الشرعية فقط، وليس للأحزاب أو الفصائل المسلحة، وفق رؤية ريحان.

اعتبر ريحان أن الانحياز الأميركي لإسرائيل ثابت تاريخياً، وأن لبنان لا يمكنه تغيير المعادلة عبر زمن الحرب وما بعده، وهو يؤكد ضرورة بناء إستراتيجية وطنية تقودها الدولة.

يدعو اللبنانيين إلى بناء استراتيجية أمن وطنية واضحة تقضي بحصر السلاح بيد الدولة وتوظيفه كجزء من دفاع وطني متدرج، مع بدء تطبيق الخطة في جنوب الليطاني وتوفير انسحاب إسرائيل خطوة بخطوة كجزء من إطار الحفاظ على الاستقرار.

في قراءة مختلفة، رأى الكاتب محمد علوش أن توم براك كشف النصف الآخر من الحقيقة التي كان يخفيها خلال زياراته، بأن الولايات المتحدة لن تسلّح الجيش اللبناني لمواجهة إسرائيل وإنما لضبط الداخل وربما مواجهة حزب الله.

أوضح العلوش أن هذه الاعترافات تسقط سردية “نزع السلاح من أجل الاستقرار”، وتظهر أن المشروع الأميركي الإسرائيلي في لبنان يستهدف المقاومة تحديداً وليس حماية الدولة أو تعزيز قدراتها.

سقطت السرديات القديمة كما يرى العلوش، فبينما يعزز السلاح قدرة المقاومة على ردع التوسع الإسرائيلي يواجه خصوم الحزب صعوبات في تبرير وجوده، ما يجعل السرديات القائمة أمام تحدي كبير.

دعا العلوش إلى تبني سردية جديدة توحّد اللبنانيين وتربط بين تنفيذ خطة الجيش لحصر السلاح تدريجياً جنوب الليطاني وانسحاب إسرائيل، مع ضرورة أن يكون القرار الوطني هو المرجع الأسمى للسلاح والدفاع.

يتساءل لبنان إذن: هل يمكن تفادي انفجار داخلي أم يظل الشأن اللبناني في مأزق شد الحبال بين واشنطن وتل أبيب وطهران، والقرار النهائي يبقى في يد الدولة ومؤسساتها دون تدخل خارجي؟

مقالات ذات صلة