يواجه قطاع غزة دماراً هائلاً في البنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي، جراء الحملة العسكرية التي اندلعت بعد هجمات 7 أكتوبر 2023.
تتمثل المعركة الأصعب في إعادة إعمار الإنسان، وترميم الوعي، واستعادة التعليم، وتأهيل جيل فقد المدارس والمعلمين، فبدون استثمار في العقل الفلسطيني لن تنجح أي خطة إعمار مهما بلغت ميزانياتها.
يحذر خبراء دراسات ما بعد الحروب من أن جهود إعادة إعمار غزة لن تنجح ما لم تقاد من قبل خبراء ومؤسسات فلسطينية، مشيرين إلى أن التعافي في الصحة العامة والتعليم العالي والبحث العلمي والبيئة يحتاج قيادة محلية تمتلك المعرفة بالواقع والاحتياجات.
صدر التحذير في تقرير من مجلة Nature، بعد يوم من إعلان وقف إطلاق النار الذي صادقت عليه الحكومة الإسرائيلية.
دمار هائل في البنية التحتية طال غزة، إذ تسببت الحملة التي بدأت بعد 7 أكتوبر 2023 بمقتل أكثر من 67 ألف شخص وتدمير شبه كامل للبنية التحتية بما فيها المستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي.
وحسب لجنة مراجعة المجاعة الدولية، عانى أكثر من نصف مليون شخص من الجوع بنهاية أغسطس، فيما يعاني نحو 55 ألف طفل دون سن الخامسة من سوء تغذية حاد، وفق تقرير مجلة The Lancet في 8 سبتمبر.
كما قال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إن أكثر من 2200 من الكوادر الطبية والتعليمية قتلوا منذ اندلاع الحرب، وتعرض نحو 80 بالمئة من الجامعات والكليات في غزة للتدمير أو الضرر الجزئي، ما أدى إلى تعطّل الدراسة نحو 88 ألف طالب، وفق اليونسكو.
تقدر تكلفة الأضرار في منشآت التعليم العالي بنحو 222 مليون دولار، وتُقدَّر تكاليف إعادة الإعمار بما يصل إلى مليار دولار بسبب إزالة الركام والتعامل مع الذخائر غير المنفجرة، في حين أن المساعدات السابقة للجامعات الفلسطينية لم تتجاوز 20 مليون دولار سنوياً.
تقول أماني المقدمة، رئيسة العلاقات الدولية في الجامعة الإسلامية بغزة وتعمل حالياً في جامعة إدنبرة، إن الأولويات تتجاوز البناء المادي لتشمل استمرار التعليم عن بُعد، وتقديم دعم نفسي للطلاب والعاملين، وإعادة ربط الباحثين بالعالم عبر المؤتمرات والمنح الأكاديمية، لأنها تمتلك معرفة محلية وفهماً عميقاً لاحتياجات المجتمع.
وتؤكد ناومي رينتول-هاينز من جامعة كانتربري التي تدرس الأثر البيئي للحرب في غزة أن القرارات المتعلقة بمستقبل القطاع يجب أن تشارك فيها المجتمعات المحلية.
ويرى الخبراء أن أي خطة لإعمار غزة، بما فيها خطة ترامب، محكومة بالفشل إن لم توضع الفلسطينيون في موقع القيادة، ليس فقط في إعادة البناء بل في إعادة بناء الإنسان والعقل والمؤسسات التي تمثل روح غزة ومستقبلها.
لذلك تدعو الدراسات والجهات المعنية إلى تمكين الغزاويين وإشراكهم في قيادة عملية التعافي والتطوير المستقبلي.