تتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع اللقاء المرتقب بين السيد الرئيس أحمد الشرع ونظيره الأمريكي دونالد ترامب في إطار فتح مسارات جديدة في العلاقات الخارجية، ورفع ما تبقى من العقوبات المفروضة على سوريا وإفساح المجال أمام إعادة الإعمار.
زيارة تاريخية إلى واشنطن
قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن السيد الرئيس أحمد الشرع سيبحث رفع ما تبقى من العقوبات على سوريا وإعادة الإعمار ومكافحة الإرهاب خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن في تشرين الثاني الحالي، ليصبح أول رئيس سوري يجري زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة.
وأوضح الشيباني أن الشرع سيُقيم في البيت الأبيض في بداية الشهر، مؤكداً أن هذه الزيارة تاريخية وتوجد مواضيع كثيرة ستُناقش أولها رفع العقوبات.
وأضاف أن مكافحة داعش تشكل أولوية، وأن المحادثات ستتناول أيضاً مسألة الاستقرار وإعادة الإعمار في سوريا.
إلى ذلك، قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس برّاك إن الشرع سيزور واشنطن، وإن الزيارة قد تشهد توقيع اتفاقية لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. وفي وقت لاحق أكد مسؤول في البيت الأبيض أن الرئيس الشرع سيزور واشنطن في 10 تشرين الثاني.
أول رئيس سوري يصل إلى البيت الأبيض منذ 60 عاماً
كان الرئيس الشرع قد شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة كأول رئيس سوري يحضر هذا الحدث منذ ستين عاماً، والتقى قبل ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 14 من أيار الماضي في الرياض، كأول لقاء من نوعه على مستوى الرئاسة منذ 25 عاماً.
وقال ترامب حينها إن اللقاء مع الرئيس الشرع كان عظيماً، وأعلن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وأضاف أن الشرع قائد حقيقي وقاد الثورة وله فرصة حقيقية للحفاظ على وحدة سوريا.
ما بعد التحرير وتبدل السياسة الأمريكية
شهدت العلاقات الأمريكية السورية تطورات لافتة بعد سقوط النظام، إذ وقع الرئيس الأمريكي ترامب في 30 حزيران 2025 أمراً تنفيذياً ينهي البرنامج الأمريكي للعقوبات على سوريا، وتعهّد ترامب برفع العقوبات كمساهمة في دعم جهود إعادة الإعمار في سوريا ومنح الشعب السوري فرصة جديدة. وت يمثل هذا التحول تغيّراً جذرياً في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، وفتح الباب أمام استثمارات إقليمية ودولية في عملية إعادة الإعمار، خاصة من تركيا والدول الخليجية.
آثار اقتصادية مباشرة للزيارة
يؤكد نقيب الاقتصاديين السوريين محمد البكور أهمية الزيارة على صعيد إنهاء العقوبات والانتقال إلى مرحلة تطبيق الاستثمارات على الأرض، قائلاً إن هذه الزيارة تسبق جلسة مجلس النواب الأمريكي لإقرار قانون إنهاء العقوبات على سوريا.
وأوضح البكور أن الولايات المتحدة أصبحت بوابة العالم للسيولة والتمويل، مشيراً إلى أن رفع العقوبات بالكامل سيؤدي حتماً إلى انخفاض معدلات البطالة وتحسن الأجور والواقع المعيشي في سوريا.
من جانبه شدّد المحلل السياسي زكوان كحالة على أن زيارة الشرع إلى الولايات المتحدة تشكّل حلقة مفصلية في جولة خارجية تشمل البرازيل والصين والمملكة المتحدة.
وقال في تصريح إن الجولة تعكس توجه السياسة الخارجية السورية إلى فتح مسارات متعددة ومتوازية، لكنها تحمل طابعاً خاصاً لكونها زيارة إلى البيت الأبيض وتؤثر مباشرة على ملفات كثيرة، بما في ذلك احتمال إعلان انضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش.
وأضاف كحالة أن هذه الخطوة تعبر عن تموضع جديد وواضح لسوريا ضمن معادلات الأمن الجماعي الإقليمي والدولي، وإعلانها أنها الجهة المعنية بمسألة محاربة الإرهاب على أراضيها. كما أشار إلى أن الأثر الاقتصادي للزيارة سيتجاوز الأبعاد الأمنية والسياسية ليشمل العوامل الاقتصادية المرتبطة بجهود رفع العقوبات، بما فيها ما يتصل بقانون قيصر.
إشارة استراتيجية لإعادة تعريف دور سوريا
تحظى زيارة الشرع إلى واشنطن باهتمام عالمي وأمريكي، إذ لم تعد الحدث مجرد لقاء دبلوماسي، بل باتت إشارة استراتيجية تعيد تعريف الدور السوري في المنطقة. وتؤكد تقارير صحفية أن الزيارة تمثّل تحوّلاً استراتيجياً في موقع سوريا وتحوّلها إلى شريك فاعل في الشرق الأوسط.
وتمثل الزيارة مثالاً على انتقال من مفهوم “القيادة الثورية” إلى “القيادة المؤسسية”، وبناء الدولة وتحقيق الاستقرار، كما يرى أنها تعكس رغبة في تعزيز مكانة سوريا ضمن أطر الأمن الإقليمي والدولي وفق مسار يحافظ على وحدة سوريا ويسعى لإعادة بنائها.







