تزايدت حوادث العنف الأسري في مصر خلال الفترة الأخيرة بشكل لافت، وباتت الجرائم التي تقع بين الأزواج تتصدر منصات التواصل الاجتماعي بصورة شبه يومية، مما أثار قلقا واسعا بشأن تصاعد الظاهرة وخطورة أسبابها.
أبرز الحوادث المتداولة
ومن بين الحوادث التي أثارت ضجة واسعة حادثة زوج المرج الذي أنهى حياة زوجته خنقًا بسبب خلافات أسرية قبل أن يحاول إخفاء معالم الجريمة، وجريمة زوج الإسكندرية التي طعن فيها زوجته حتى الموت داخل شقتهما عقب مشادة كلامية، وحادثة زوج طنطا التي قتل زوجته بعد خلاف حول المصاريف اليومية وضغوط المعيشة، إضافة إلى جريمة الشرطي وزوجته التي انتهت بمقتل الزوجة وعدد من أفراد أسرتها بسبب رفضها الاستمرار في الزواج وطلبها الطلاق.
هذه الوقائع تكشف واقعًا اجتماعيًا معقدًا تتداخل فيه ضغوط الحياة وغياب الوعي وثقافة السيطرة، وهو ما دفع خبراء الاجتماع والنفس إلى التحذير من اتساع نطاق الظاهرة.
أسباب الظاهرة وتداعياتها
تؤكد تحليلات مبدئيَّة أن تفاقم العنف الأسري ليس وليد اللحظة، بل جذوره ممتدة عبر سنوات، لكن وضوحه وانتشار أخباره عبر وسائل التواصل جعل الصورة أكثر حدة. ويُرى أن أحد أبرز أسباب العنف يتمثل في ثقافة ذكورة متضخمة لدى بعض الرجال تدفعهم إلى التعالي واعتبار العنف وسيلة لإثبات القوة، كما ساهمت وسائل التواصل في تعميق الانطباع بأن الجرائم زادت فجأة بينما هي موجودة منذ سنوات لكنها أصبحت أكثر وضوحًا وانتشارًا.
كما أشار البعض إلى أن بعض الجرائم ترتبط برفض الانفصال، وهو ما ظهر في حالات طلاق فُصلت فيها القضايا عبر الأسرة ثم صُعِّدت الجريمة، بالإضافة إلى أن الضغوط الاقتصادية تُعد عاملًا مؤثرًا في ارتفاع العنف الأسري، خاصة داخل الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
ويُلاحظ أن الانهيار الأخلاقي وتراجع سمات الشخصية وتعرّض المجتمع لانفتاح غير منضبط على العالم يصاحبه اضطرابات ونزعات وتقليد لسلوكيات غير سوية، إضافة إلى ظاهرة “الثقافة العادي” التي أصبحت فيها الجرائم تُرى كأمر عادي وتطبيع العنف بشكل خطير، مع حدوث تقليد لسلوكيات العنف عند مشاهدة حوادث مماثلة دون إدراك للعواقب.
ويتوقع خبراء أن الوضع قد يزداد سوءًا في ظل ما يردّدونه عن انهيارات أخلاقية متسارعة، مؤكدين أن الحلول الإعلامية أو غيرها ليست كافية لإيقاف تفاقم الظاهرة، وأن الانحدار الإنساني قد يؤدي إلى موجة أعنف من الجرائم الأسرية ما لم تُتخذ خطوات جادة تعالج الجذور النفسية والقيمية للمشكلة.







