رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

الدبلوماسية السورية تحقق شطب اسم السيد الرئيس من لوائح العقوبات

شارك

صوّت مجلس الأمن الدولي الخميس 6 تشرين الثاني على مشروع قرار أميركي يقضي برفع العقوبات عن السيد الرئيس أحمد الشرع، ووزير الداخلية أنس خطاب من قوائم العقوبات الدولية، بموافقة أربعة عشر عضوا في المجلس فيما امتنعت الصين عن التصويت.

ويوضح القرار أن رفع الأسماء جاء ضمن مسار حيوي يعبّر عن تقدم في العلاقات السورية مع المجتمع الدولي، وهو ما رُصد كإنجاز جديد يسهم في تعزيز الشرعية الحكومية السورية ودورها في استقرار المنطقة والتوجه نحو تجاوز زمن العزلة والعقوبات الطويلة.

دلالات سياسية

يرى الكاتب والصحفي حسيب الزيني أن شطب اسم الشرع والخطاب من القوائم الدولية يمثل تحوّلاً سياسياً نوعياً في المشهدين السوري والدولي، ويدل على اعتراف متزايد بشرعية الحكومة السورية الجديدة ودورها في إعادة الاستقرار وطي صفحة التوترات الطويلة.

ويربط الزيني القرار بتوافق دولي نادر حول الملف السوري ويعد ثمرة جهود دبلوماسية نشطة قادت دمشق إلى الانفتاح على العواصم الغربية تدريجياً، كما أن رفع العقوبات قبل زيارة الرئيس الشرع المرتقبة إلى البيت الأبيض يحمل رمزية عالية ويرسم مساراً جديداً من التقارب.

ويعتبر أن القرار يعطي إشارات إلى تبدّل أولويات واشنطن في الشرق الأوسط من منطق العقاب إلى منطق الاحتواء والتعاون، خصوصاً في ملفات مكافحة الإرهاب وإعادة هندسة التوازنات، وهو ما يمهّد الطريق لإعادة الإعمار وعودة اللاجئين وبناء الدولة السورية الجديدة.

ويؤكد القرار، وفق الزيني، نجاح القيادة السورية في كسر العزلة الدولية التي فرضت على دمشق لعقود، ما يعزز مكانتها وتوازنها في دوائر القرار الدولي، مع رسائل موجهة إلى أطراف داخلية وإقليمية لا تزال ترجّح استمرار القطيعة.

آثار اقتصادية منتظرة

عن الآثار المحتملة للقرار على الوضع السوري، يرى المحلل الاقتصادي أن النتائج يمكن قراءتها من ثلاث مستويات مترابطة: الإنسانية والاقتصادية والسياسية غير المباشرة.

على المستوى الإنساني، يشير إلى أن الضغط على ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن وسريع سيحد من التأخير والبيروقراطية داخل البلاد، ويفتح المجال أمام منظمات أكثر مرونة للعمل داخل سوريا، ما قد يحسن الأمن الغذائي والخدمات الأساسية في المناطق المتضررة، وربما يشجع بعض الجهات المانحة على استئناف برامجها التي توقفت سابقاً.

على المستوى الاقتصادي، يلفت إلى أن إضافة عبارة تعزيز إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية في نص القرار تُمثّل سابقة في الخطاب الأممي تجاه سوريا منذ 2011، وإن لم يرفع القرار العقوبات الغربية فوراً فعلاً باب تخفيف القيود غير المباشرة على مشاريع التنمية مثل الطاقة المتجددة والبنية التحتية والمياه والزراعة. كما ترسل إشارات إلى الأسواق الإقليمية بأن المشاركة الاقتصادية في سوريا لم تعد مستحيلة بالكامل، مما يدفع بعض الدول إلى استكشاف فرص استثمارية ضمن الإطار الدولي.

إلى جانب ذلك، يرى أن التحول في اللغة الأممية يعكس اتجاهاً إلى التفكير في مسار التعافي بدلاً من الإدارة المؤقتة للأزمة، وهذا نفسه قد يخلق مناخاً يدفع المستثمرين العرب والغربيين إلى الانخراط بشكل أوسع مع سورية بما ينعكس لاحقاً على الاقتصاد الكلي.

ترحيب دولي واسع

رحب المندوبون الدوليون في مجلس الأمن بالقرار فور انتهائه، معتبرين أنه يعكس تقدماً سياسياً ملموساً وخطوة إيجابية في مكافحة الإرهاب، وأن التصويت لصالح القرار يمثل لحظة فارقة منذ سقوط النظام السابق.

ووصفت الدول الكبرى القرار بأنه رسالة تعترف بأن سوريا دخلت عهداً جديداً وتدعم استقرارها، مع تأكيدات بأن تعزيز الاقتصاد السوري جزء من مسار أوسع لإعادة بناء سوريا الموحدة ذات السيادة. كما أشار ممثلو بعض الدول إلى ضرورة مواصلة خطوات رفع العقوبات بشكل شامل بما يخدم الاستقرار والتنمية في البلاد.

من جهة أخرى، أكدت دول عربية وأفريقية وآسيوية الدعم لسياق القرار، مع التعبير عن التفاؤل بأن يستمر التعاون الدولي في تقديم مسارات واضحة للمساعدة والتنمية والإعمار، بما يعيد لسوريا مكانتها الدولية ويخفّف من معاناة السكان ويعزز الاستقرار الإقليمي.

ترحيب سوري بالقرار

أعلن وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني أن الدبلوماسية السورية تواصل حضورها الفاعل وتحقق تقدماً ثابتاً في إزالة العقبات وتهيئة طريق نحو مستقبل سوري أكثر انفتاحاً واستقراراً، مع التعبير عن تقدير سوريا للدعم الدولي والصديق.

وأوضح إبراهيم علبي مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة أن المجلس صوت لصالح رفع العقوبات عن الشرع وخطاب بالإجماع تقريباً، في جلسة سريعة وإيجابية، مؤكداً أن هذا التطور يعكس تغيراً في مسار سوريا على الساحة الدولية. كما صرّح وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى بأن القرار يُضاف إلى سلسلة نجاحات الدبلوماسية السورية، وأنه يحمل رسالة تفاؤل بأن سوريا تدخل مرحلة جديدة من العلاقات الدولية المبنية على التعاون. كما أكد وزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ترحيب الوزارة بهذا القرار معبرين عن أملهم بتمكين سوريا من بناء مؤسسات قوية وتحقيق الاستقرار الوطني.

بهذه التطورات، تدخل سورية مرحلة جديدة من العلاقات الدولية وتفتح أبواب أوسع لاستعادة الدور في محيطها الإقليمي والدولي، مع تعزيز فرص التعافي الاقتصادي وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين ضمن مسار يوازن بين الاستقرار الوطني والتكامل مع المجتمع الدولي.

مقالات ذات صلة