رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | نهج فرق تسد.. سلاح قد يطيح نتنياهو في الانتخابات القادمة

شارك

حدث اليوم والانعكاسات الأساسية

شاهد الإسرائيليون حول شاشات التلفزيون دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ وعودة آخر 20 إسرائيلياً من أسر حماس، فيما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عرّاب الاتفاق يحاضر في الكنيست قائلاً: “هذه ليست مجرد نهاية حرب، بل نهاية عصر من الرعب والموت، وبداية عصر من الإيمان والأمل”.

حرص ترامب على شكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالقول إنه يتمتع بشجاعة ووطنية استثنائيتين، ثم وقف نتنياهو ونهوض، وأومأ برأسه وابتسم.

قراءات وتحليلات حول نتنياهو والمعارضة

في تحليل نشرته مجلة فورين أفيرز، قال ألوف بن إن هذه اللحظة كانت رائعة بالنسبة لنتنياهو، مضيفاً أنه عندما هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، لم يتوقع كثيرون بقاؤه في السلطة بعد عامين من الهجوم، ناهيك عن أن يحظى بثناء من رئيس أميركي.

وأشار إلى أن نتنياهو نفى مسؤولية فشل منع هجوم حماس ورفض الاستسلام، وللحفاظ على حكومته طالت حرب غزة. ولأجل ذلك، ظل يحافظ على استمرار الحرب رغم الضغوط الداخلية والدولية.

وتابع: بينما كان ترامب يُشيد به من على منصة الكنيست، كان نتنياهو منشغلاً بالتخطيط لمعركته القادمة وهو الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، إذا لم تُقدم إلى يونيو المقبل.

وأكد: نتنياهو تعهد بالترشح والفوز مجدداً. ولتحقيق ذلك، يحاول تصوير الحرب كإنتصار كبير، منتقداً معارضيه باعتبارهم أعداءً في الداخل، كما أنه استأنف جهوده لتحويل البلد إلى نظام يفتقر إلى استقلالية القضاء وتحويل النظام السياسي والجيش وأجهزة المخابرات وموظفي الخدمة المدنية إلى أتباع له، إضافة إلى محاولته السيطرة على وسائل الإعلام من خلال قواعد جديدة.

ومن المنتظر أن تكون الانتخابات المقبلة في إسرائيل بمثابة استفتاء وطني على حكم نتنياهو، كما كانت كل الانتخابات الإسرائيلية منذ عودته إلى السلطة في عام 2009. إن وصف نتنياهو بالاستقطابي ليس مبالغة، فهو بالنسبة لمؤيديه المنقذ والمقاتل في خط المواجهة في حرب ثقافية تقسم المجتمع اليهودي الإسرائيلي، وقد عمل على استبدال نخبة محافظة علمانية وليبرالية بتشكيلة محافظة دينية تعبر عن آرائه القومية وتسن قوانين تميّز ضد غير اليهود.

ووفقاً لألوف بن، يرى معارضو نتنياهو أنه ديماغوجي فاسد لا يتردد في فعل أي شيء للوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها، بما في ذلك استغلال مظالم طبقية. ويضيف أن توجهه الاستبدادي تآكل شعبيته، لكنها لا تتحول فوراً إلى هزيمة انتخابية حاسمة بسبب الفوضى السياسية في إسرائيل، ما يجعل الانتخابات 2026 تحمل مزايا متعددة لوجوده في موقع قيادة الدولة، مثل السيطرة على الحرب والميزانية والضرائب، وتوجيه السياسة بما يخدم مواقفه، وربما التمديد في أية جولة حرب جديدة وتقديم حوافز اقتصادية للناخبين.

ويبرز أيضاً أن وجود قاعدة موالية خلف نتنياهو يمنحه رؤية مشتركة في السيادة اليهودية وضم مناطق مثل الضفة الغربية وربما غزة وأجزاء من سوريا، مع معارضة صريحة لأي دولة فلسطينية. وفي المقابل، يسيطر الانقسام على معارضي نتنياهو، فبينما تتفق أحزاب غير المشاركة في الحكومة على رفضه، تختلف في قضايا كثيرة، وبعضها يؤيد أجندته القومية بينما يرفضها آخرون. كما ترفض معظم أحزاب المعارضة العمل مع الحزبين العربيين، رغم توقع فوزهما بعشرة مقاعد، وهو مستوى لا تكفي لإحداث أغلبية 61 مقعداً دون دعم الأحزاب العربية.

وقد يحشد نتنياهو الدعم عبر الإشارة إلى الحرب، فأسلوبه القاسي في القتال حظي بتأييد واسع بين الأغلبية اليهودية، بينما تتزايد الانتقادات الدولية لاستخدامه القوة وتتبنى بعض الدول اتهامات بالإبادة الجماعية. أما نفتالي بينيت، وهو أقوى منافس محتمل من خارج الائتلاف، فشخصية تجمع بين قومية دينية ونجاحه في الأعمال والتقنيات، وارتداء القلنسوة اليهودية، وهو يرى أن مفتاح السلطة في النظام الإسرائيلي التعددي هو القدرة على تغيير المواقف وجذب المنشقين عبر استراتيجيات فرق تسد.

وقد أبرم نتنياهو فعلاً تحالفات مع منافسيه بمنحهم ألقاباً وزارية، وهو أسلوب ظهر مع بينيت الذي خدم معه في الحكومة السابقة ثم بات رئيساً للحكومة في فترات لاحقة، قبل أن ينسحب في 2021 ويؤسس ائتلافاً مع حزب الوسط يائير لابيد وحزب يساري وحزب عربي محافظ، ما أبرز قدرته على رأب الصدع السياسي. لكن حكومة بينيت انهارت خلال عام، فتمهّد الطريق أمام عودة نتنياهو إلى السلطة وتبيّن أن بينيت بارع في توحيد اليمين واليسار والعرب، ما قد يُستخدم كشعار انتخابي للانتخابات المقبلة: “نتنياهو يفرق، وأنا أُوحد”.

بناءً على ذلك، ستظل الانتخابات الإسرائيلية القادمة اختباراً جديداً لاستراتيجية “فرق تسد” التي يعتمدها نتنياهو كخطة أساسية للنجاح في السياسة الداخلية.

مقالات ذات صلة