تشهد المنطقة تحركات مكثفة يقودها الجنرال داغفين أندرسون، القائد الجديد لأفريكوم، منذ أكثر من أسبوع، في سياق قلق أميركي وعالمي حيال تداعيات الحرب في السودان المستمرة منذ منتصف أبريل 2023 التي حولت السودان إلى نقطة ضعف تهدد أمن البحر الأحمر وتفتح الباب أمام تمدد الجماعات الإرهابية.
هدف الجولة وتداعياتها
أشار أندرسون إلى أن جولته في المنطقة تهدف إلى تقليل مخاطر الإرهاب العابر للحدود وضمان أمن البحر الأحمر، وأن الوضع الراهن يحفز واشنطن على منع تكرار استخدام السودان قاعدة لشن هجمات تستهدف مصالحها في المنطقة.
منذ اندلاع الحرب، ظل الأميركيون يحذرون من احتمال أن يعود السودان إلى بؤرة للإرهاب في إفريقيا، ويرى المراقبون أن الولايات المتحدة تسعى عبر أفريكوم لتعزيز التعاون الإقليمي واحتواء التمدد الإرهابي قبل وصوله إلى البحر الأحمر أو العمق الإفريقي.
تاريخياً، أشار بعض المحللين إلى أن نظام الإخوان في التسعينات منح جوازات سودانية لعدد من الإرهابيين القادمين من خارج السودان، وارتبط بعضهم بتفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام وهجوم البارجة كول عام 2000، وهو ما يضيف إلى قلق واشنطن من الاستقرار في المنطقة.
بعد اندلاع الحرب تزايدت أنشطة الجماعات الإرهابية في السودان، فمعظم عناصر داعش والجماعات الأخرى التي توجهت إلى السودان قاتلت إلى جانب الجيش لكنها تسعى لاستخدام السودان كمركز نفوذ وتنسيق هجمات تستهدف المصالح الغربية والعربية على البحر الأحمر وفي عمق إفريقيا.
مخاوف واستراتيجيات أميركية
يؤكد خبراء أن التحركات الأميركية تعكس حساسية واشنطن من أي فوضى قد تسمح بتمدد الإرهاب نحو العمق الإفريقي أو تهديد الملاحة في البحر الأحمر، ولذلك تسعى إلى تعزيز التعاون الإقليمي ودعـم الضغوط السياسية وربما تنفيذ عمليات عسكرية عند الحاجة.
يشرح السفير السوداني السابق مهدي الخليفة أن السودان ظل محور اهتمام أميركي، ولا سيما بعد الهجمات السابقة على مصالح أميركية، وأن الوضع الراهن يجعل أفريكوم جزءاً من استراتيجية أوسع لضمان حرية الملاحة ومواجهة التهديد الإرهابي، مع احتمال أن يتسع النفوذ الدولي إذا تعثر الحل السياسي.
وتؤكد الكاتبة صباح محمد الحسن أن تحركات أفريكوم جزء من استراتيجية أميركية لتأمين الممرات البحرية الحيوية، مع تزامن وجودها مع زيارات دبلوماسية أميركية للسودان، وتشير إلى أن واشنطن تستخدم أدوات ضغط ديبلوماسية وعسكرية لإعداد الأرضية لتدخلات دولية أو إقليمية محتملة.
ويرى السفير الصادق المقلي أن أفريكوم جزء من إطار الولايات المتحدة لاحتواء التمدد في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، مع احتمال أن تكون التحركات مدفوعة بخشية وجود إيران في السودان عبر وكلاء لها في المنطقة، وتبقى خيارات مثل الضربات الجوية والعمليات الخاصة محتملة لاستهداف خلايا إرهابية تهدد المصالح الأميركية والغربية.
شواهد ومحفزات
يمتلك السودان موقعاً استراتيجياً يحده سبع دول ويمتد سواحل على البحر الأحمر بطول نحو 700 كيلومتر، ما يعزز جاذبية التنظيمات الإرهابية ويجعل السودان قاعدة ارتكاز لأنشطة في شرق وغرب إفريقيا، مع وجود تواصل مع أذرع إرهابية في بلدان إفريقية أخرى.
وفي أكتوبر دعا تنظيم داعش أنصاره للجهاد في إفريقيا مستفيداً من حالة الفوضى، وتوجد دلائل على وجود مجموعات إرهابية تقاتل إلى جانب الجيش السوداني بنفس الأساليب التي تعتمدها داعش، وتفاقم الفراغ الأمني وتفكك مؤسسات الدولة مناخاً يحفز انتشار هذه الجماعات وتوسع نفوذها في البحر الأحمر والمنطقة، كما يربط البعض بين هذا الواقع ونفوذ جماعات إخوانية داخل الجيش والحكومة الحالية.
ويربط السفير المقلي المخاوف بتحركات أفريكوم كجزء من استراتيجية الولايات المتحدة لاحتواء التمدد في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، مع احتمال وجود قلق من وجود إيران في السودان عبر وكلاء لها في المنطقة، وهو ما قد يستدعي رصداً وتحركاً أميركياً مستمرين.







