رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | بيان يثير العاصفة.. ماذا وراء لهجة إثيوبيا التصعيدية ضد مصر؟

شارك

أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية بيانا يوضح موقف أديس أبابا التفاوضي مع مصر بشأن سد النهضة وإدارة مياه النيل، في إطار التوترات المتصاعدة بين البلدين. كما نفى البيان التصريحات المصرية المتكررة عن حقوق مصر في مياه النيل، وادعى أن هذه التصريحات تعكس فشلاً حكومياً في استيعاب حقائق القرن الحادي والعشرين، كما اتهم السلطات المصرية بشن حملة لزعزعة الاستقرار في القرن الإفريقي عبر استخدام دول تابعة مطيعة وضعيفة ومنقسمة.

ردود وتحليلات في الأوساط المصرية حول لهجة البيان

وانطلقت الانتقادات في الأوساط المصرية من أن اللهجة الإثيوبية حملت طابعاً حاداً وتكراراً لاتهامات قديمة في محاولة صرف الأنظار عن السلوك الأحادي في إدارة سد النهضة.

وأوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن البيان يعكس انزعاجاً واضحاً من الدور المصري المتنامي في منطقة القرن الإفريقي، وأنه طغى على لغة ومضمون البيان. ويؤكد أن الدعوى بأن مصر ترفض الحوار ليست دقيقة، فالقاهرة التزمت بمسار تفاوضي منذ 2011 ومستمراً في مسارات متعددة، بما فيها المسار الذي رعته الولايات المتحدة والبنك الدولي بين 2019 و2020، والذي انتهى بتغيب إثيوبيا عن جلسة التوقيع بينما وقعت مصر على مسودة الاتفاق لإظهار حسن النية. كما أُشير إلى أن مصر شاركت في جولات تفاوضية برعاية الاتحاد الإفريقي، وأن آخرها كان المسار الذي انطلق عقب قمة جوار السودان في القاهرة عام 2023 واستمر خمسة أشهر دون اتفاق بسبب التعنت الإثيوبي.

وأشار شراقي إلى أن اتهام مصر بأنها ترفض الحوار يتعارض مع الواقع، فكل التصريحات الرسمية المصرية تدعو إلى اتفاق قانوني ملزم يحفظ حقوق الدول الثلاث.

وفيما يتعلق بالاتهامات الإثيوبية بأن مصر تتهدد الاستقرار في المنطقة، أكّد أن الخطاب المصري ظل دبلوماسياً ومحكوماً بقواعد القانون الدولي، وأن العلاقات العسكرية مع السودان وتواجد القوات في بعثات حفظ السلام وتعاون القاهرة مع دول القرن الإفريقي هي إطار ترتيبات أمنية دولية أو ثنائية وليست تهديداً لإثيوبيا.

وصف شراقي الاتهامات بأن مصر “غارقة في الحقبة الاستعمارية” بأنها بلا أساس، مبيناً أن الاتفاقيات التاريخية بشأن مياه النيل أُقرت دولياً، وأن الادعاء بأن مصر تحتكر مياه النيل يتعارض مع الحقيقة العلمية، فالمصب تقع عليه مسؤولية إدارة المياه المتدفقة من دول المنابع، والقدرة على التحكم بالمياه تكون عادة في دول منابع النيل وليس في المصب.

أشار إلى أن هذه الاتهامات ترفع من مستوى التوتر، وتغيب أية مبادرات جادة لاستئناف المفاوضات منذ إعلان فشلها في ديسمبر 2023، مع تبادل بيانات متبادل بين الحين والآخر بدون ظهور تقدم ملموس.

ومن جانب آخر، قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إن البيان الإثيوبي يكرر مواقف أديس أبابا من دون إضافة، ويحتوي مزاعم بأن القاهرة ترفض الحوار وهو أمر غير صحيح إطلاقاً. وأكد أن مصر لم ترفض الحوار يوماً، بل كانت وما زالت منفتحة على التوصل إلى اتفاق يحافظ على سيادة إثيوبيا وفي الوقت نفسه يضمن الحقوق والمصالح المائية للدول المطلة على النيل.

وأضاف أن الجانب الإثيوبي يتهرب من الالتزام بإطار عمل يحقق الاستخدام الرشيد والمنظم للنيل الأزرق وفق القواعد الدولية المعروفة، وأن تبادل التصريحات والبيانات المضادة لن يقود إلى تقدم، بل يزيد من تعقيد المشهد، ما يجعل المصلحة المشتركة تستدعي التهدئة والعودة إلى قنوات الدبلوماسية والعمل على اتفاق عادل ومتوازن.

تبقى مسألة إدارة سد النهضة نقطة خلاف رئيسية بين القاهرة وأديس أبابا، فمصر والسودان يرون النيل مورداً قارياً يتطلب تعاوناً وتنسيقاً وفق القانون الدولي، بينما تؤكد إثيوبيا أن للسد سيادتها على أراضيها والنهر يمر بمجرى يخصها. وتؤكد مصر انتهاء مسار التفاوض في السابق مع إثيوبيا وتأكيد حقوقها وفق القانون الدولي، مع استمرار السعي إلى اتفاق يحمي مصالحها وأماني شعوبها دون المساس بسيادة إثيوبيا.

مقالات ذات صلة