رؤية المجتمع الدولي والحل السياسي
دعا فولكر بيرتس، رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان، إلى الجلوس على طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب، مؤكداً أن استمرار القتال لن يفضي إلى النتيجة المرجوة وأن الحل السياسي يبقى الخيار الواضح الذي تؤيده الأطراف الدولية منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل 2023.
تصعيد الحرب وتبدل المواقف
لكن بعد مرور أكثر من 130 أسبوعاً على الحرب ومقتل نحو 150 ألف شخص وتدمير اقتصاد السودان بنحو 700 مليار دولار، جدد عبد الفتاح البرهان عزمه على الحل العسكري ورفض التفاوض مع قوات الدعم السريع قبل تجريدها من سلاحها ونفى الاتهامات بوجود سيطرة للإخوان على الجيش ومفاصل السلطة في البلاد.
رصد مراقبون ستة تناقضات في تصريحات البرهان، مشيرين إلى أن أكثر من 32 شهراً من القتال أكدت استحالة الحل العسكري، وهو ما أجمعت عليه القوى المدنية داخلياً، إضافة إلى الأطراف الدولية والإقليمية الموقعة على مذكرة نيويورك في الأول من أكتوبر 2025، والتي أكدت أن التفاوض والحل السلمي المبني على خطة الرباعية هو الخيار الأمثل لوقف الحرب.
دلائل السيطرة وتمكين الإخوان في الجيش
وعزا المراقبون ذلك إلى أربعة دلائل دامغة تؤكد سيطرة تنظيم الإخوان على الجيش، واعتبروا أن الانقلاب الذي نفذه في أكتوبر 2021 أعاد توزيع القيادات التي تهيمن حالياً على عدد كبير من الوزارات ومؤسسات الخدمة المدنية.
أوضح الأمين ميسرة أن وجود عناصر إخوانية داخل الجيش وكتائب مثل كتائب البراء يتطلب إجراء إعادة هيكلة واسعة لتنظيف الجيش من الوجود الإخواني حتى يصبح جيشاً وطنياً مهنياً.
ذكرت الكاتبة صباح محمد الحسن أن البرهان يحاول إرضاء الأطراف المختلفة بنفي وجود الإخوان داخل الجيش مع الاعتماد على الحل العسكري، وهو ما يعكس ارتباكاً في قراره.
جدلية الحل العسكري
شرح مهدي الخليفة أن البرهان يسعى إلى إطالة أمد الحرب عبر شروط تعجيزية، وأن رسائله تقود إلى تعميق الأزمة وعدم فتح نافذة للمفاوضات، فحتى من يسيطر على دارفور ويمتلك آلاف المقاتلين لن يسلم سلاحه دون اتفاق سياسي شامل.
دعا الخليفة إلى الاعتماد على الحلول السلمية، مستذكراً تجارب السودان الحربية التي خلفت دماراً واسعاً، لكنها انتهت في النهاية إلى تفاوض الأطراف للوصول إلى حل يوقف الحرب.
هيمنة الإخوان على مفاصل الدولة
حذر مراقبون من أن إنكار البرهان وجود الإخوان يزيد التشكك، إذ توجد سيطرة كبيرة لعناصر التنظيم داخل الجيش وفي مفاصل الخدمة المدنية.
قدر الطيب عثمان يوسف أن سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة تصل إلى أكثر من 95 في المئة حالياً، موضحاً أن لجنة تفكيك تمكين النظام تمكنت خلال فترتها القصيرة من إنهاء خدمات نحو ألفي عنصر فقط من التنظيم في أجهزة الخدمة المدنية، لكنها لم تتمكن من إنهاء وجوده عبر مؤسسات الدولة، مع الإبقاء على سجلات التنظيم في المركز والولايات.







