يتجه الملف إلى مرحلة حاسمة مع تصويت مجلس الشيوخ الأميركي على إلغاء قانون قيصر وإحالته إلى الرئيس دونالد ترامب لاستكمال الإجراءات النهائية، وهو ما قد يفتح باباً أمام تحولات عميقة في مسار التعاطي الدولي مع سوريا.
يؤكد المحللون أن التصويت في مجلس الشيوخ لا يعني دخول القانون حيز التنفيذ مباشرة، فالقانون لا يزال في مساره الدستوري الأميركي، وتمرّ إجراءات الإلغاء بمراحل قد تستغرق وقتاً حتى يصبح نافذاً بشكل رسمي.
في حال أُنجز الإلغاء النهائي، سيُسجَّل له أثر مباشر على الوضع السياسي والاقتصادي السوري وعلاقاتها الإقليمية، خاصة مع تغيرات السياسة الأميركية وتبدّل موقع سوريا في المشهد الدولي.
العزلة السابقة لسوريا ونطاقها الجديد
أشار أستاذ الاقتصاد السياسي إلى أن النظام السابق عزل سوريا عن محيطها الإقليمي سياسياً وعسكرياً واقتصادياً بسبب مشكلات مع تركيا والعراق والأردن ولبنان، ما أدى إلى إشعال بؤر صراع ومفاقمة العزلة الاقتصادية التي انعكست سلباً على موقعها الاستراتيجي وقدراتها الاستثمارية والتبادل التجاري، إضافة إلى صعوبات في تأمين الاحتياجات الأساسية والتعاملات المالية الدولية.
وبين أن إلغاء القيصر سيعيد سوريا إلى موقعها الاقتصادي أولاً ثم السياسي، إذ إن التطور في العلاقات الاقتصادية سينعكس تلقائياً على العلاقات السياسية مع الدول المحيطة، بما في ذلك تركيا والعراق والأردن ولبنان ودول الخليج ودول حوض البحر المتوسط، ما يعزز فرص التعاون التجاري والاستثماري وينشط الحركة الاقتصادية والأنشطة الثقافية والرياضية، كما يساعد في إعادة ترتيب العلاقات مع الجيران على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية لاستعادة دورها في المنطقة.
إعادة الإعمار ومحددات الاستثمار
أكد المحلل أن إعادة الإعمار تبقى مرتبطة برفع القيود، وأن استكمال المسار يشكل شرطاً رئيسياً لعودة الاستثمارات والشركات الأجنبية ولانطلاق التعافي في البنى التحتية والطاقة والاتصالات والإسكان والمرافق الطبية، مع إشارات إلى رغبة شركات كثيرة في المشاركة لكنها تنتظر رفع العقوبات بشكل نهائي. كما أشار إلى أهمية إعادة ربط سوريا بمنظومة سويفت الدولية كخطوة حاسمة لتسهيل التحويلات المالية والشحن واستيراد التقنيات الحديثة بما فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي، فما غياب هذه المتطلبات يعوق مساهمة الشركات في إعادة الإعمار ويؤخر التعافي.
الدور الدبلوماسي السوري والتطورات الأميركية
وصف المحلل حراك سوريا الدبلوماسي بأنه فعال ومؤثر داخلياً وخارجياً منذ التحرير، مع رسائل طمأنة إلى دول عدة، ولا سيما روسيا والولايات المتحدة، وهو ما انعكس في تقارُب مع تركيا واستثمار النفوذ السعودي والقطري والإماراتي وتوسيع دائرة التواصل لتشمل العراق ولبنان، بما يعزز حضور سوريا السياسي والاقتصادي في المنطقة.
وأشارت مصادر إلى أن مجلس الشيوخ الأميركي صوّت لصالح مشروع موازنة الدفاع لعام 2026 الذي يضم مادة لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قيصر، حيث أجيز المشروع تمهيداً لإحالته إلى الرئيس ترامب للتوقيع عليه.
وذكر رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأميركي، محمد علاء غانم، أن المجلس أبلغ عبر منصة التواصل أن الموازنة أجيزت وتضم بنداً لإلغاء قيصر بشكل غير مشروط، وأن الإجراء ينتظر إقراره من الكونغرس من خلال المصادقة النهائية في المجلسين ثم توقيع الرئيس، ما يمثل خطوة مهمة نحو الإلغاء النهائي للقانون وفق المسار الدستوري الأميركي.







