في كل عيد أضحى، تضيع على المغرب ملايير السنتيمات جراء التعامل العشوائي للمواطنين مع جلود الأضاحي، إذ يتمّ في الغالب التخلّص منها في حاويات الأزبال، عوض تجميعها من طرف الجهات المختصة ونقلها إلى المعامل المختصة في الصناعات الجلدية، علما أن المغرب يستورد نسبة كبيرة من حاجياته من هذه المادة.
وتصل الخسارة المالية التي يتكبدها المغرب جراء عدم استغلال جلود الأضاحي إلى سبعة ملايير سنتيم سنوياً، وهو حجم واردات المغرب من الجلود، إضافة إلى ضياع أزيد من 5100 منصب شغل، كان من الممكن أن تُوفّر لو استُغلت جلود أضاحي العيد بطريقة أمثل، وفق دراسة أنجزتها الحكومة حول تثمين الجلود.
وفي السنة الماضية، أطلقت كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، بمعية قطاعات حكومية أخرى وبشراكة مع الفدرالية المغربية للصناعات الجلدية، حملة لتثمين واستغلال جلود الأضاحي في الصناعات الجلدية، بالنظر إلى كونها تندرج في إطار تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة.
وإضافة إلى عدم الاستفادة من جلود أضاحي العيد، في الشق المادي، فإن عدم تثمينها والتخلص منها بطريقة عشوائية من طرف المواطنين له كلفة أخرى لا تقل فداحة، وتتعلق بالكلفة البيئية، نظراً لما تُلحقه ملايين الجلود المتخلّص منها بطريقة عشوائية من أضرار وخيمة بالبيئة بعد تحللها داخل مطارح الأزبال.
ويؤكد بوجيدة فاضل، رئيس جمعية المصنوعات الجلدية نائب رئيس غرفة الصناعة التقليدية بجهة فاس-مكناس، أن قطاع الصناعات الجلدية في المغرب سيربح الكثير لو كان التعامل مع جلود الأضاحي يتم بعقلانية، مبرزا أن استغلالها بطريقة أمثل لا يتطلب سوى بعض الإجراءات المقدور عليها، من قبيل إحداث مجازر متنقلة يوم العيد، للحفاظ على جودة الجلود، وتوفير مستودعات لتخزينها في درجة حرارة منخفضة حتى لا تتعفن.
وأوضح بوجيدة فاضل، في تصريح له، أن المعامل الكبرى المتخصصة في الصناعات الجلدية لا تقبل جلود أضاحي العيد، لأنها تبحث عن جلود ذات جودة، أي تلك التي لا توجد فيها ثقوب، لافتاً إلى أن إشكال عدم صلاحية الجلود يمكن تجاوزه بإحداث مسالخ متنقلة، يسهر على سلْخ الأضاحي فيها جزارون محترفون.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن صناع الجلد التقليديين سيستفيدون كثيراً من الحفاظ على جلود أضاحي العيد، سواء في ما يتعلق بضمان ديمومة فرص الشغل الكثيرة التي يوفّرها هذا القطاع، أو في الشق المتعلق بإنعاش حركيته، موضحا أن المحافظ التي توزع على التلاميذ كل سنة في إطار المبادرة الملكية “مليون محفظة” يمكن أن يُوكل تصنيعها إلى صناع الجلد التقليديين، عوض استيراد المواد الأولية التي تُصنع منها من الخارج، ما سيمكّن من إنعاش قطاع الصناعات الجلدية بالمغرب، وإعطائه صدى أوسع، وكذلك استغلال جلود أضاحي العيد عوض ضياعها، وتوفير مناصب الشغل لـ”الصنايعية”.
ولا يتطلب الحفاظ على جلد أضحية العيد مجهوداً كبيراً، إذ يكفي أن يتم تمليحه ووضعه تحت أشعة الشمس حتى يجفّ، كما كان يفعل المغاربة قبل سنوات خلَتْ، حيث كانوا يصنعون من الجلود “هياضر”، لكن هذه الصناعة أصبحت على وشك الانقراض، ومن ثمّ يُتخلص من جلود الأضاحي مباشرة بعد الذبح، دون معالجتها.
من جهة ثانية، قال بوجيدة فاضل إن من بين العوائق التي تثبط تسويق المنتجات الجلدية في المغرب غلاء المواد الأولية المستعملة في الدباغة خلال الآونة الأخيرة، ذلك أن الصباغة التي يستعملونها انتقل سعرها من 250 درهماً إلى 600 درهم للكيس من وزن خمسة كيلوغرامات، وهو ما يجعل المنتجات الجلدية تصل إلى المستهلك بسعر مرتفع.