الستيني (الذي بلغ أو بلغت الـ60 عاماً)، يفكر في المستقبل بشكل يومي، ويرى شريط حياته أمام عينيه، والتقدم بالعمر يصبح هاجس ووهم وسبب رئيسي لعدة مشكلات عند الرجال والنساء
هل الاكتئاب صحي ونفسي؟
هو التقدّم في العمر وما يحمله من مشكلات نفسية متعددة تُرافق الرجال والنساء على حدٍ سواء.
وإحدى هذه المشكلات “الكآبة”، إذ يميل الرجل إلى الكآبة، ويشعر بأنَّ رحلة الحياة وصلت إلى النصف، وبأنَّ النهاية قد تكون قريبة، والاكتئاب بحسب ما تُعرِّفه الاختصاصية بعلم النفس العيادي فرح مقدِّم هو “حال مزاج متدنٍ، يرافقه على الصعيد الصحي اضطراب بوظائف النوم، وتوقف عن تناول الطعام، وتدنٍ في الوزن.
أما على الصعيد النفسي فيتمثل بتلاشي الحياة الاجتماعية والعزلة، وعدم الرغبة في الخروج من المنزل ولقاء الناس، مع تراجع في الإنتاجية، وانعدام غريزة الحياة.
وفي الستين عادةً يراجع الرجل حساباته معيداً النظر بمسيرة حياته التي تقارب النصف قرن ونيِّف.
الخسارة.. الحداد والصدمة
وترافق عوارض الاكتئاب أسباب متعددة تتمثل إما بخسارة العمل، أو مرض أحد أفراد العائلة أو الأقارب، أو خسارة فرد من العائلة، ما يشكِّل حادثاً مفجراً يعقبه حالُ حِداد تتشابه عوارضه والاكتئاب.
ويتأسس الإكتئاب لدى الشخص بعد مروره بصدمة في الصغر أي قبل سن الخمس سنوات. إلا أنه لا يجب أن يعتبر أي إنسان يمرُّ بلحظات صعبة أنه يعاني من الإكتئاب بل تكون تصرفاته رد فعل فيزيولوجي على عوامل نفسية يخضع لها وتسبب له ضغطاً عصبياً طبيعياً يتجلَّى في القلق، وكثرة الأكل أو قلَّته.
أما الاكتئاب كي يبرز فيجب أن تكون صدمة (trauma) ما قد أسست له. وهذه الصدمة هي عبارة عن حادث غير متوقع قوي يترك حالاً انفعالية سلبية. وترتبط الصدمة الحالية المؤسسة للاكتئاب بحادث مفجِّر يشبه الصدمة التي أثَّرت به في الصغر وبقيت لسنين طوال مخفية أو مستترة. ووصل إلى مرحلة ما لا يعود بمقدوره التماسك نفسياً، فهناك من يضعف في سنّ العشرين أو الأربعين أو الستين، فهذا مرتبط بمدى قوة الجهاز النفسي”.
الرجل مقموعٌ تعبيرياً
وتتابع مقدِّم لافتةً إلى أنَّ “الرجل يمرُّ بضغوطات أكثر من المرأة لا يستطيع التعبير عنها، على عكس المرأة التي تعبر أكثر بجسمها ودموعها. والسبب يرتيط بالتربية الشرقية التي تخنق الرجل وتضغط عليه، مانعةً إياه من التعبير.
العلاج النفسي
وتلفت مقدِّم إلى أنَّ “قليلين هم الرجال الذين يزورون الطبيب في عمر الستين للتعبير عن اكتئابهم”، مؤكدةً على أهمية “دور علم النفس وفعاليته، فالرجل الذي يشعر باكتئاب عليه استشارة اختصاصي قد يساعده في مواجهته وتخطيه ويكون العلاج محفزاً له.
أما إذا كان اكتئابه حاداً، نطلب منه التنفيس عبر الإفصاح عما يخالجه وسرد الأحداث التي مرَّ بها في حياته. فالحادث المفجر له جذور نعود بها لماضي هذا الرجل بعد جلسات عدَّة تتراوح بين الـ12 جلسة وصولاً إلى الـ 6 أشهر أو أكثر، حيث نسأله “ماذا حدث معك؟ كيف كان رد فعلك؟” للبحث عن الخسائر التي تعنيه وردود أفعاله ودور محيطه، وعندما يعي الواقع نقدَّم له نصائح التنفيس عن هذا الإكتئاب تتمثِّل في تحديد ساعات وأن يكون توقيت نومه في الوقت عينه كل يوم، وتنظيم نوعية طعامه وتوقيته، وممارسة رياضة المشي 45 دقيقة مدَّة 3 أيام في الأسبوع. أما إذا كان هناك أناس من حوله يسببون له الإزعاج والإكتئاب فيمكننا استدعاؤهم بناءً على طلبه وموافقته لمعرفة ما إذا كانوا يؤثرون فيه بطريقة سلبية”.